في ضيافة الرحمن تنظيم وتكامل يبهر العالم

بقلم: د. أحمد البوعلي
في هذا العام، منّ الله عليّ بشرف أداء فريضة الحج، من خلال دعاة وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة فرأيت من المشاهد ما يسر الخاطر ويثلج الصدر.
رأيت قلوباً تهتف بـ “لبيك اللهم لبيك” من شتى بقاع الأرض، وأيادي ترتفع بالدعاء، ودموعاً تنساب على الخدود من خشية الرحمن.
رأيت تعاوناً وتنظيماً، وابتساماتٍ في وجوهٍ لا أعرفها، لكن يجمعني بها دين واحد وقبلة واحدة.
كل شيء هنا يهمس لك: “أنت في ضيافة الرحمن”… فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً لهذه الجهود من بلادي الحبيبة
لقد حقق موسم حج هذا العام 1446هـ (2025م) نجاحًا استثنائيًّا، بفضل الله ثم الجهود التكاملية والمبادرات الحكومية الجديدة التي عززت جودة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام.
وأكد هذا النجاح أن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رعاهما الله ماضية في تطوير منظومة الحج لتكون نموذجًا عالميًّا في التنظيم، والرعاية، والابتكار حيث
1- التشارك المؤسسي بين الجهات الحكومية
بتكامل غير مسبوق بين مختلف القطاعات الحكومية، من وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة، إلى هيئة تطوير مكة، ورئاسة شؤون الحرمين، وغيرها من الجهات. وقد نتج عن هذا التعاون تنسيق محكم وسرعة في تنفيذ الخطط، مما أسهم في راحة الحجاج وضمان أمنهم وسلامتهم.
2-المبادرات الحكومية الجديدة؛ ومن أبرز ما تم إطلاقه هذا العام:
• “بطاقة نسك الذكية” التي تسهّل على الحاج التنقل وتلقي الخدمات الصحية والإرشادية.
• “المسار الإلكتروني للحجاج” الذي يتيح إجراءات الحج بسلاسة وشفافية.
• “روبوتات التوجيه والإفتاء” داخل الحرمين لتقديم المعلومات الدينية بعدة لغات.
• التوسع في النقل الترددي وتطوير الطرق والمسارات لتقليل الازدحام وتحسين التجربة الحركية للحجاج.
3- الخدمات الشاملة والإنسانية التي قدمتها المملكة ، وشملت توزيع ملايين الوجبات، وتوفير مياه زمزم المبردة، وتخصيص فرق ميدانية لخدمة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. كل ذلك ضمن رؤية “حج ذكي وخدمة متكاملة”، التي تجسّد رؤية المملكة 2030 في تطوير قطاع الحج والعمرة.
4- روح العطاء في خدمة ضيوف الرحمن
حيث تألقت روح العمل التطوعي خلال موسم حج 1446هـ، بمشاركة أكثر من 40 ألف متطوع ومتطوعة في مختلف القطاعات والمواقع، مقدمين نموذجًا رائعًا للتفاني في خدمة ضيوف الرحمن. وشملت مجالات التطوع عدد من الأمور منها
• الإرشاد والتوجيه بلغات متعددة، للحجاج غير الناطقين بالعربية خاصة مع حرص على توجيه وسطي ونشر عقيدة التوحيد الصافية
• الدعم الطبي والإسعافي بالتعاون مع وزارة الصحة والهلال الأحمر.
• خدمات الحشود وتنظيم المسارات بالتنسيق مع الأمن العام.
• توزيع الوجبات والمياه والمستلزمات الشخصية في المشاعر والمساكن.
• خدمة ذوي الإعاقة وكبار السن من خلال مسارات مخصصة ومرافقة دائمة.
ختامًا؛
هذه الجهود المتكاملة تؤكد أن الحج في المملكة ليس شعيرة منظمة فحسب ، بل تجربة إنسانية وروحية متكاملة، تُدار بقلب كبير وسخاء لا حدود له
فالمملكة أنموذجٌ في الجمع بين الأصالة الدينية والتقدم التقني والإداري، لتقديم تجربة حج آمنة، روحانية، ومنظمة.
وهو نجاح يُسجَّل في سجل المملكة المشرف في خدمة ضيوف الرحمن.
فالسعودية ترتقي بالحج إلى آفاق المستقبل.
فاصلة مشاعر ؛-
ودّعتُ مكةَ بعد الحج مصطبرا
كأنّ روحي على الأشواق قد نُشِرَا
وطُفتُ بالبيتِ والآمالُ ساجدةٌ
تمشي معي، وأرى للدمع منهمرا
لبيتُ يا ربّنا هذا النِّدا فرحا
وجئتُ عبدًا طهورَ النفسِ مُعتذِرا
رميتُ عني ذنوبي عند مزدلفٍ
وسرتُ للنورِ في عَرْفاتِ مُعتبرا
وفي منى مرت الأيامُ في أملٍ
كأنّ قلبي على الجمْراتِ قد شُطِرا
يا مكةَ الخيرِ، إني اليومَ مرتحلٌ
لكن شوقي سيبقى الدهرَ مُستعرا.