أخبار

الملامح العامة لنظام المعاملات المدنية

نظام المعاملات المدنية هو ثالث المشاريع الأربعة التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، علما أنه تم الإعلان سابقاً عن (نظام الأحوال الشخصية، ونظام الإثبات) وعليه فلم يبق إلا نظام العقوبات ليكتمل هذا الإصلاح التشريعي المهم.

ويجسد هذا النظام الذي أقره مجلس الوزراء امس اهتمام صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء،حفظه الله وإشرافه الكامل على تطوير البيئة التشريعية في المملكة وتعزيز مكانة القانون والحقوق بين الأفراد في ضوء توجيهات خادم الحرمين الشريفين أيده الله.

فحتى تاريخ الأمس لم يكن هناك نظام معاملات مدنية رغم أهمية هذا النظام وقدمه في الدول، وكان الرومان يسمونه (قانون الشعوب) لشدة علاقته بالأفراد وتعاملاتهم واحتكاكه بهم، ومع أننا عشنا عقوداً من غير هذا النظام، فهذا لايعني بالطبع أننا كنا في حالة غير جيدة بل كانت الأمور تسير بشكل جيد ولكن النظام سيجعل استقرار الاحكام عادة والأحكام أجود والشاذ نادر والنادر لاحكم له، وسيكون مصدر القضاء والقضاة واحد، بدلامن كونه موزعاً بين بطون الكتب وأمزجة الفقهاء والقضاة، التي يميل بعضها للتشديد والآخر للتيسير – سنة الله في خلقه-، فمع نظام المعاملات المدنية ستكون (المسطرة واحدة.)

كما أن العدالة الوقائية ستزدهر فحينما يصبح الأمر مكتوباً ومعلوما ومنشوراً يصبح الرجوع قبل الشروع،والاحتكام إليه أيسر وأطهر، وحينما تجتمع القوانين في نظام واحد تسهل على المواطن والمقيم والمستثمر والمستهلك معرفة الحق والواجب وتنمو ملكة التنبؤ ولايعذر أحد بالجهل بعد ذلك.

وأنظمة المعاملات المدنية متعلقة بأحكام التعاملات المدنية فهي تخرج التعاملات التجارية والبحرية مثلا، ويحويالنظام على عدد من النظريات القانونية الشهيرة “كنظرية الحق والإلتزام” بوبها وفصلها وفقطها، بحيث تكون قابلةللتحاكم والتطبيق، فاصلة في النزاع.

فنظام المعاملات حسم الإجتهاد بما يتعلق بالعقود وأركانها، والشروط وتفاصيلها، فقد حدد وأبان و قرر النظام صحة جميع العقود إلا ماخالف النظام، وهذا يحسم الخلاف ويمنع قيام بعض القضاة من ابطال بعض العقودلأسباب إجتهادية، فحكم الحاكم يرفع النزاع وهذا من أهم معايير الأمن والأمان القانوني للمستثمر والتاجر.

كما يتحدث نظام المعاملات عن أحكام التعويض الأدبي والخطأ والضرر. وكيفية التعويض و أحكامه وآلية تقديره،وهو أمر هام ومحل جدل فقهي وقضائي قديم وحديث وأخذ ورد، والفصل فيه أحد الأمور المفصلية في التشريعاتالدولية.

كما بين النظام أنواع العقود المسماة وغير المسماة وحصر العقود المسماة في حوالي 18 عقد تقريبا من العقود المشهورة،كعقد البيع و الصلح والهبه و المنفعه و عقود الشركات الفقهية أو المدنية التي لم تبوب ضمن نظام الشركات، وأحكامنشوؤها وفسخها كشركة المضاربة.

ويقصد (بالعقد المسمى) هو العقد الذي يعرف باسم خاص فيه لكثرة تداوله مثل عقد الصلح، و (العقد غيرالمسمى) هو كل عقد غير شائع وكل مايتم بين طرفين فهو عقد عادة و تحكمه النظرية العامة للعقود التي تطرق لها النظام، ولايعني هذا أن العقد المسمى أكثر أهمية من العقد غير المسمى وإنما يعني أن يبذل الحريص “فيالعقد غير المسمى” وقتا أطول في الصياغة والعناية لندرة التعامل فيه.

كما تحدث النظام وبين أحكام الملكية كيف تكتسب، وقيودها حتى فصل في أحكام الجدار بين الجارين، كما بينالنظام الحقوق الأصلية وترك الحقوق التبعية، لوجود أنظمه منظمة لها وخاصه بها كأنظمة الرهن والأموال المنقولة.

وبين نظام المعاملات المدنية أحكام الملكية الشائعة: كالذي ينشأ ويكون بين ورثة العقار عند وفاة مورثهم وكيف تدارالتركة، وفق نظام الأغلبية أو الإجماع، وهي من أكثر المسائل شيوعا ونزاعا، والفصل فيها أثره بالغ على الأسرةوالمجتمع.

كما ناقش النظام حق الانتفاع وحق الاستغلال وحق الارتفاق كحق الطريق والمجرى بما لاي يتعارض مع أنظمةالبلديات والشؤون القروية.

ولقد قدمت لجنة التشريعات هذا العمل مستندة فيه على أحكام الشريعة الإسلامية ومواثيق ومعاهدات الدول بمالايخالف الشريعة، مستفيدة من التجارب الدولية ومما استقر عليه القضاء السعودي وفق أحكامه لعقود سابقة.

إن إقرار هذا النظام ترجمةً عملية للجهود التي يقودها ويشرف عليها سمو ولي العهد -حفظه الله- في خلقالقوانين الإصلاحية العملية التي تصون الحقوق، وتحفظ قواعد الشفافية والعدل، وتحقّق التنمية المستدامة.

ولاشك أن أثر نظام المعاملات المدنية بمايحويه من مواد مسبوكة تزيد على 700 مادة كأكبر نظام حتى الآن. سيكون بالغاً وكبيراً على تعاملات الناس، وضبط الحدود، وعلى المكتبة العلميةوإثرائها وعلى مناهج التعليم، وعلى شتى ميادين العدل والمحاكم وعلى الإقبال على مكاتب المحاماة والمحامين واستشارتهم والاستنارة برأيهم ، وعلى عموم السائحين والمستثمرين الذي سيعرفون مالهم وعليهم قبل وضع أياديهم ومالهم.

لقراءة الملف كاملاً إضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى